10‏/03‏/2009

سادس الأماسي : القاص أحمد يوسف عقيلة

المعلِّم الفاضل عثمان المسماري.. الدكتور فتح الله خليفة.. أحمد يوسف عقيلة

الأديب والكاتب أحمد يوسف عقيلة,وإلى يساره د.فتح الله خليفة,ويبدو من ورائهما
القاص الصديق بودوارة وهو يمارس عمله كصحفي متميز.

احتفى منتدى أماسي البيضاء يوم أمس الإثنين الموافق 2009.3.9 م بالأديب والكاتب أحمد يوسف عقيلة في أمسية قصصية أقل ما يقال عنها أنها كانت رائعة . رائعة بنكهة أحمد يوسف عقيلة – نجم الأمسية – الذي أوصَلنا إلى عتبات الدهشة . رائعة بخفة ظلّ الدكتور فتح الله خليفة الذي تولى إدارة الأمسية فأضفى عليها الكثير من المرح والودّ . رائعة بتفاعل الجمهور وبحضورهم المتميز.
استمرت الأمسية على مدى ساعتين انقضَتا سريعاً,ومرّت خلالهما بثلاث مراحل : اتسمت المرحلة الأولى بلمسة وفاءٍ كان لها صدىً طيّباً لدى الحضور,وذلك أن أحمد يوسف عقيلة كان قد رتّب لتكريم معلمهِ الأستاذ " عثمان عبدالله المسماري" الذي درّسه في السنة الأولى من التعليم الابتدائي في قرية عمر المختار فقدم له بعض الهدايا العينيّة وشهادة تقدير وعرفان تضمّنت عبارات غاية في التأثير تصلح – كما علق عليها أحد الحضور- بأن تكون قصة قصيرة . ثم صافح أحمد يوسف معلمه وقبل رأسه . وقد قال أحمد يوسف – بعد الأمسية - عن هذا التكريم أنه متنٌ والأمسية هي الهامش .
أما المرحلة الثانية من الأمسية فقد قدم خلالها القاص أحمد يوسف نماذج من قصصه وصلت إلى (16 قصة) تراوحت بين القصيرة والقصيرة جداً .
بينما خصصت المرحلة الثالثة من الأمسية للنقاش حول القصة بشكل عام وقصص أحمد يوسف بشكل خاص,فبدأ د.فتح الله خليفة بالتساؤل : لماذا يكتب الكاتب؟. وما قريء هذه الليلة أين يُصنف ؟ وقال:لنسمع من الأخوة كيف نقيم ما سمعناه الليلة ؟ .
بعد ذلك توالت المشاركات من بعض الحضور فكانت المشاركة الأولى للأستاذ الأديب الناجي الحربي تلتها مشاركات كل من الصحفي محمد بوسويق والفنان التشكيلي سعيد لصيفر والناقد سعد الحمري والدكتور القاصّ عبدالجواد عباس والفنان التشكيلي عبدالعالي شعيب والشاعر عبدالله عمران والدكتور جعفر حسن الطائي الذي أثنى على الحضور وقال فيما قال : " إن هذا الحضور يعكس حقيقة أننا لا نحيا بالخبز وحده " .
وبعد أن انتهت مشاركات الحضور قدّم د. فتح الله خليفة تلخيصاً لهذه المشاركات ثم أفسح المجال للقاص أحمد يوسف للردّ على المشاركين , فكانت ردوده كما يلي :
1-أنا لست معنيّاً بالكتابة عن المدينة لأن الكاتب يتلمّس محيطه, وأنا عشت في الريف ولو عشت في المدينة لكتبت عنها .
2-أنا آتي بالأبطال المُهمّشين وأضعهم في بؤرة الضوء كالنمل والدبابير وغيرها .
3- إن تقطيع القصة إلى أرقام أو حروف يكسر استطالة الزمن ولم توضع هكذا اعتباطاً .
4- الصدق في الكتابة بمعناه الفني وليس الأخلاقي .
5- الكتابة في الفعل الماضي كانت في المجموعات الأولى ثم انتقلت إلى المضارع .
6- أحاول توظيف التراث وليس توثيقه . صحيح أن التراث أرض صلبة ولكنه ليس مقدساً .
7- الرمزية ليست تضييق ولكنها أفق واسع.فالحديث عن الحرباء مثلاً يتيح لي ما أريد أن أقوله بالإضافة إلى ولوج عالم الحرباء ذاته .
8- الحديث عن جدوى الكتابة لا يعنيني . أنا فقط أحاول أن أقول شيئاً وأمتع الآخرين .

* نصّ شهادة التقدير التي قدمها أحمد يوسف لمعلمه الاستاذ عثمان :

تَقْدير وعِرْفان
الأستاذ والمربِّي الفاضل: عثمان عبدالله عبدالمجيد المسماري
أُدرِك مُسبقاً انّني لا أستطيع رَدَّ الجميل لإنسانٍ فتح أمامي آفاقَ العِلْم الرحبة.. فلا أحد .. سواءً أكان فرداً أو مؤسسة ـ مهما فعل ـ يستطيع أن يوفيَ المعَلِّمَ حقَّه.. يُعَلِّم أمّةً بأكملها.. نَمُرّ عليه جميعاً.. حتَّى الساسة والزُّعماء والجنرالات.. وهو قابع في الفصل.. بجوار السبّورة السوداء.. تمتلئ رئتاه بغُبار الطباشِيْر.. نتجاوزه.. نَمرّ عليه مسرعين دون أن نلتفت.
إنّها مُجرَّد لَمسة وفاء من تلميذٍ إلى أستاذه.. تلميذ يُحسّ بالحرَج تجاه مُعلِّمه الذي علَّمه الأبجدية.. ومنحه إمكانية ولوج عالَم الكتابةِ المدهِش.. منحه دهشةَ الكلماتِ الْمَصْفوفةِ على بياضِ الورقة.
أستاذي الكريم.. حِيْن قابلتكم بعد حوالِي أربعيْن عاماً أحسستُ برغبةٍ جارفةٍ فِي أن أَحْملَكم على عنقي إلى الأبد.. وحتى لو فعلتُ ذلك.. فإنني لا أستطيع أن أفيَكم بعضَ حقِّكم.. فاقبلوا منّي هذا العرفانَ والامتنانَ.. عسى أن يكونَ فيه رَدٌّ لبعضِ جميلِكم.
تلميذكم: أحمد يوسف عقيلة


السيرة الذاتية للأديب والكاتب أحمد يوسف عقيلة :

ـ أحْمد يوسف عقيلة عقيلة.
ـ الميلاد: 1958 في أحد نجوع بادية الجبل الأخضر.
ـ عضو مؤسس في عدّة منتديات وبيوت ثقافية:
· منتدى أماسي البيضاء الثقافي.
· بيت درنة الثقافي.
· بيت شحات الثقافي.
· عضو هيأة تحرير صحيفة المأثور الشعبي.
· عضو هيأة تحرير موقع مكتبة التراث الشعبي على شبكة الإنترنت.
ـ أطلق أول موقع ليبي على شبكة الإنترنت متخصص في التراث الشعبي. وهو موقع (الجراب).
ـ اختير شخصية العام في ليبيا في مجال القصة القصيرة سنة 2006.
ـ شارك في عدةّ ندوات وأمسيات قصصية في ليبيا ومصر والجزائر.
ـ ألقى عدة محاضرات في مجال التراث الشعبي في البيضاء ودرنة واجدابيا ومصراتة.
ـ أقيمت له احتفالية تكريم في جامعة تولوز في فرنسا بمناسبة ترجمة مجموعته القصصية (الخيول البِيض) إلى اللغة الفرنسية.
الإصدارات:
1 ـ الخيول البيض.. قصص.. الطبعة الأولى 1999 الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان.. مصراتة. (تُرْجِمَت إلى اللغة الفرنسية). (تُرْجِمَت بعض قصصها إلى اللغة الإنجليزية).
2 ـ غناء الصراصير.. قصص.. الطبعة الأولى 2003 دار البيان للنشر والتوزيع والإعلان.. بنغازي.
3 ـ الْجِراب (حكاية النجع) الطبعة الأولى 2003 دار البيان للنشر والتوزيع والإعلان.. بنغازي.
4 ـ عناكب الزوايا العُليا.. قصص.. الطبعة الأولى 2003 منشورات مجلّة المؤتمر.. طرابلس.
5 ـ حكايات ضِفْدَزاد.. الطبعة الثانية 2006 دار البيان للنشر والتوزيع والإعلان.. بنغازي.
6 ـ الحرباء.. قصص.. الطبعة الأولى 2006 مجلس الثقافة العام.. ليبيا.
7 ـ غنَّاوة العلم (قصيدة البيت الواحد).. الطبعة الأولى 2008 دار الإبل.. بنغازي.
8 ـ قاموس الأمثال الليبية.. الطبعة الأولى 2006 دار البيان للنشر والتوزيع والإعلان.. بنغازي.
9 ـ خراريف ليبية.. حكايات شعبية. الطبعة الأولى 2008 مجلس الثقافة العام.. ليبيا.
المخطوطات:
10 ـ الخَفّاش.. قصص.
11 ـ غُراب الصَّباح.. قصص.
12 ـ الشتّاوَة (بنت الغنّاوَة).
13 ـ الأُغنية المصاحبة للعمل (غنّاوة جَزّ الصوف).
14 ـ الأُغنية المصاحبة للعمل (الترجِيْز).
15 ـ غنّاوة العَلَم عند المرأة.
16 ـ القاموس الليبِي للنفاق.
17 ـ قاموس الدلالات الصوتية الليبية.
18 ـ قاموس التعابير الليبية ذات الكلمة الواحدة.
19 ـ قاموس الكُنية في اللهجة الليبية.
20 ـ قاموس أُصول المعانِي.
21 ـ ضوء الكلام. (شهادة على الكتابة).
22 ـ نُزهة في الأرض الْحرام.. قراءة فْي أدب أحْمد يوسف عقيلة.. مجموعة من الكُتّاب العَرَب.
23 ـ ديوان الشاعر مراد البرعصي.
24 ـ ديوان الشاعر ارحيّم جبرين.
25 ـ ديوان الشاعر إدريس الشيخي.
26 ـ ديوان الشاعر عبدالكافي البرعصي (غناوي عَلَم).

نشر قصصه في كثير من الصحف والمجلات الليبية والعربية: مجلة لا ـ الفصول الأربعة ـ الثقافة العربية ـ المؤتمر ـ البيت ـ الجليس ـ الجماهيرية ـ الشمس ـ قورينا ـ أويا ـ العربي الكويتي ـ كتابات معاصرة اللبنانية ـ ضفاف الصادرة بالنمسا ـ ألواح الصادرة بإسبانيا ـ تمّوز الصادرة بالسويد ـ أخبار الأدب المصرية ـ الموقف الأدبي السورية ـ المعرفة السورية ـ البيان الكويتية ـ العرب اللندنية ـ الزمان اللندنية ـ القُدْس اللندنية ـ الحرية التونسية ـ وغيرها.. وكتبه الصادرة حتى الآن يمكن مطالعتها في موقع مكتبة الإسكندرية.. وفي مكتبة أفق على شبكة الإنترنت.
الموقع:
الخرّوبة:
www.alkarrobahblogspot.com

E.MAIL: YOUSSOF58@YAHOO.COM
E.MAIL:YOUSSOF58@HOTMAIL.COM
ص ب : 222 M ـ البيضاء ـ ليبيا .
هاتف نقال: 4167 626 092
هاتف منْزل: 2299 530 0844


نماذج من قصص أحمد يوسف عقيلة :

الْهَمْزة
1
... قال الأستاذ (أَنيس) موجهاً كلامه إلى سكرتيرته:
ـ اكتبِي صيغة إعلان عن اجتماع إدارة الشركة يوم الأربعاء القادم.
ثم تشاغل بالحديث مع ضيوفه.. وهو يتأرجح يميناً ويساراً مع الكرسي الدَّوّار.
2
... الأستاذ (ونيس) مدير شركة كبرى.. يحظى بكل لوازم المدير: مكتب ينطق بالفخامة.. سكرتيرة مصبوغة أمام جهاز حاسوب.. هاتف نقّال.. مرسيدس وصاية من ألمانيا رأساً.

غيَّر اسمه إلى (أنيس) تَمَشيِّا مع الحداثة! يرى أنَّ العبرة ليست بالشهادات العلمية.. فهي مجرد رُخَص تَمنحها الجامعات.. لذلك فهو يفتخر بأنه لم يتخرج من الجامعة.. ويقذف في وجهك (العَقّاد) دائماً كمثلٍ صارم للدلالة على عدم جدوى الشهادات.. ويحشر في أحاديثه ـ بمناسبة وبغير مناسبة ـ كلمات من قبيل: (العولمة.. الاستنساخ.. ثقب الأوزون.. سقف الإنتاج.. حَرْق المراحل.. الرعي الجائر.. البروباقاندا).
3
قالت السكرتيرة:
ـ يا أستاذ أنيس.. في كلمة (الأربعاء) الهمزة فوق الألف وإلاّ على السطر؟

يسري السؤال في جسده صاعقاً.. يقفز.. يحس في حلقه بطعم الهمزة اللاذع.. يحكُّ خلف أُذنه.. يتبدَّى له غباء سكرتيرته شيئاً لا يُطاق.. شيئاً ثقيلاً يزحم المكان.. بل يبدو أنفها طويلاً أكثر مما ينبغي.. يبتلع ريقه.. يَشْرَق.. يسعل.. يعطس.. يزحر.. يفتح النافذة.. يرى الأفق يقترب.. السماء تَهبط على الأرض.. تتحول كل الكائنات إلى همزات.. همزات طائرة.. راكضة.. زاحفة.. فيغمض عينيه.. يَصفِق النافذة.. يُطفئ المصابيح.. يُشعلها.. شيء ما يقرصه بين كتفيه.. يلصق ظهره على الجدار.. يحكّه.. يسحقه.. ها هي الهمزة تتحرك من الحلق إلى الصدر.. نازلةً ببطء كالنصل الحاد.. ينحنِي إلى الأمام واضعاً يديه على صدره.. فتنْزلق الهمزة إلى الأسفل.. تتغلغل ممزِّقةً الأحشاء.. يتسرَّب من بين فخذيه سائل دَبِق.. يتعثَّر بأحد الضيوف.. في تلك اللحظة فقط يكتشف وجودهم.. يُسدِّدون عيونهم نحوه.. أصابع السكرتيرة متوقفة على لوحة المفاتيح.. توقَّفت الساعة الحائطية.. كفَّت الكرة الأرضية عن الدوران.. يَفْزَع إلى الحَمّام.. يسمع أحد الضيوف يقول بخُبث وشماتة: (الهمزة التي قَصَمت ظهر البعير).. فيحدودب ظهره.. وتنبت له ذروة! جدران الحمّام تزحف إلى الداخل.. مصباح السقف يكاد يلامس البلاط.. يتهالك.. يَبْرك.. يصرخ بأعلى صوته.. صُراخاً أَقربَ إلى الرُّغاء:
ـ خَلِّي الاجتماع يوم الخميس!
(2001)


الثُّعبان

ج
... بعد خطبة الجمعة ينسلخ من جُبّة الإمام البيضاء.. يلَبس البَرْنوس القَهْوي.
ل
... بعد ميعاد القبيلة يَنْزع البَرْنوس القَهْوي.. يرتدى لباس الحُكّام الأسود.
و
... بعد المباراة يرتدى بذلة خضراء زيتيّة.. نظّارة سوداء.. مسدس تحت الإبط.
د
... في الليل يتمدّد عارياً تحت الملاءة.. وفي أرجاء الغرفة.. فوق الكراسي.. وحوافّ السرير: جبّة إمام.. برنوس شيخ قبيلة.. لباس حَكَم.. صافرة.. بذلة خضراء.. مسدس.
***(2008)

الْمُتسَوِّل
(الكُلُّ يَمُرُّ مُسْرِعاً ولا يلتفتُ..
للمتسوِّل الأَعمى..
وحدَهُ المطرُ يُنَقِّطُ على راحتهِ المَمدودةِ..
باتِّجاهِ الله
).
(عدنان الصائغ)

1
ـ لله يا مُحسنِين.. لله.
اعترضَني.. مَدَّ إليَّ يداً مُرتجِفة.. معروقة.
تحسَّستُ جيوبي.. صعد الدم إلى وجهي.. تحسَّستُ قلبي.. همستُ في أُذنه بكلمةٍ طيبة.. بوعدٍ بالعطاء في المرَّة القادمة.
2
... المرَّة القادمة..
تعترضني اليد المُرتجِفة.. المعروقة.
لم أتحسَّس جيوبي.. فأنا أَعلم غَيْبَها.. يغزو الدم وجهي.. لم أجرؤ أن أعِدَ بشيء.. تكفي كذبة واحدة.
3
... المرَّة الثالثة لم تتحرَّك يداي.. هذا اليوم لا أملك جيوباً!
ابتسمتُ.. استوقفَني.. أخرجَ نصف دينار.. مُكرمِشاً.. مدعوكاً.. رطباً.. دَخَل الدكان المجاور.. قَسَمَ النصفَ إلى ربعين.. وضع ربعاً في جيبه.. ودَسَّ الآخر في يدي.. ومضَى.
(1995)

عَصَافِيْر

1
... في السفح غابة.. في الغابة شجرة بلوط.. في البلوطة عُش.. في العش طائر.. تحت الطائر بيض.. في البيض عصافير.
في البلوطة أيضاً ثعبان يتسلق.
2
... ينتفض الطائر.. يصيح بهلع.. يقفز من غصنٍ إلى غصن.. ينفش ريشه مستخدماً كل أسلحة العاجز.. فيما الثعبان يلتقم البيض.
3
... في السفح غابة.. في الغابة شجرة بلوط.. تحت البلوطة ثعبان يزحف.. في بطن الثعبان بيض.. في البيض عصافير.
في سماء الغابة أيضاً حدأة تبسط جناحيها بلا حَراك.
4
...لم يكن في الوقت متسع للاختباء.. ينتفض الثعبان.. يفِحُّ بهلع.. يتلوَّى بين المخالب مستخدماً كل أسلحة العاجز.. فيما الحدأة تصعد إلى السماء.
5
... في السماء حدأة.. بين مخالب الحدأة ثعبان.. في بطن الثعبان بيض.. في البيض عُصيفيرات تُحَلِّق...
(1999)

العَابِر
(لا شيء يستنْزف الصلابة الداخلية
مثل إحساس المرء بأنه عابر)
(إيزابيل الليندي)
1
... في الصباح.. تحت الضباب السابح.. يخطو ببطء.. يقف أحياناً.. ينحني مُتفرِّساً في آثار الليلة البارحة.. التي انطبعت بوضوح على الطريق الترابي الرطب.
2
... أقدام سلحفاة عابرة بعرض الطريق.. أرجل خنفساء مرتسمة بدقة.. ثلاثة خطوط رقيقة غائرة تلتقي عند رؤوسها.. إنَّه الحجَل.. وهذه التي تبدو كورقتَي سِدْر متقابلتين هي الحرباء.. وهذا أثر أفعى.. لا يمكن أن تُخطئه العين.. وآثار أخرى مختلفة لعابرين يجهلهم.. كانت الآثار من الكثرة والوضوح بحيث تولَّد لديه إحساس بأنَّ كل عابرٍ يتعمَّد أن يطبع خطواته على الطريق.. حتى ذلك الغراب ترك مساراً لجناحيه المُبلَّلين حين اخترق الضبابَ منذ لحظة.
3
... استدار مُلقياً نظرةً من فوق كتفه.. انحنى مُتفحِّصاً.. دون أن يجد لخطواته أيَّ أثرٍ على الطريق الترابي الرطب!
(2001)


شَكْوَى
... اشتكت اللوحة من المسمار.. قال:
ـ لو تعلمين ما يقع فوق رأسي لعذرْتِنِي.
(1994)
آخِرُ العَسَل
... كانت تُحدِّثه وهو يتنهَّد..
... تزوَّجا..
بعد شهر أصبحت تُحدِّثه وهو يتثاءب.
(1994)
الْحِمار
... الحمار مُطرِقٌ.. يُهدِّل أُذنيه.. يَمدُّ شفته السفلى.
ـ ما بك؟ تبدو مهموماً.
ـ وكيف لا أشعر بالهَمِّ.. وذُرِّيتِي كلُّها حمير؟!
(1994)
جُرُوحٌ صَدِئَة
... داس مسماراً صدِئاً.. شَدَّ الرِّحال مُولِّياً وجهه شطر الفقيه.. تلقَّى عِدَّة بصقات على جُرحه.. وعلى وجهه أيضاً.. وعاد يجرُّ أذيال البَرَكة.. وجُرحاً صدِئاً.
(1994)

هناك تعليق واحد:

  1. سررت جداً بهذا الخبر فالوفاء شيمة عظيمة ومثل هذا التكريم يؤكد ان الليبيين عظماءبوفائهم وانسانيتهم فدمت ياعقيلة وابدعت ودام سكان الجبل الاخضر الاوفياء جبل الشهامة والمروءة جبل المختار.
    اخوكم من غريان احمد القدار.

    ردحذف