الدكتور : عبدالجواد عباس , وإلى يساره القاص: صالح سعد يونس.
الأستاذ: الناجي الحربي أثناء سرده لسيرة الضيف الذاتية،وسرد ذكرياتهما معاً.
الدكتور: عبدالجواد عباس ضاحكاً من إحدى قفشات الحربي .
الدكتور : عبدالجواد عباس أثناء حديثه عن تجربته القصصية
أقام المنتدى أمسيته الحادية عشر يوم الاثنين الموافق : 25-5-2009م. وكان الدكتور الأديب عبد الجواد عباس هو الضيف المُحتفى به في هذه الأمسية التي انبرى لتقديمها القاص : صالح سعد يونس . وكالعادة استـُهِلت الأمسية بسرد السيرة الذاتية للضيف الأديب عبدالجواد عباس وقد تكفل الأستاذ الكاتب الناجي الحربي بهذه المهمة وذلك بسبب علاقته الشخصية الوثيقة بالضيف من جهة , وبسبب اطلاعه بشكل واسع على تجربة الأديب عبدالجواد عباس .وربما لهذا السبب استفاض الناجي الحربي في سيرة الأديب على البداهة من دون الاستعانة بورقة مُعدّة لهذا الشأن . وكعادته دائماً لم تخلُ كلمة الناجي الحربي من بعض المناوشات الودودة للضيف أثناء سرده لسيرته الذاتية .
وبعد أن فرغ الناجي الحربي من كلمته , بدأ الدكتور عبدالجواد عباس بتوجيه الشكر للحربي , وبالثناء على أسرة المنتدى وجهدهم المبذول . ثم أكد على أن هناك عدّة مؤثرات كانت وراء تجربته القصصية من بينها المعاناة والدهشة والطفولة وثراؤه العاطفي بالإضافة إلى تجربته في الحياة وكثرة ما قرأه من شعرٍ ونثر .
ثم خالف الدكتور عبدالجواد عباس المألوف والسائد في مثل هذه الأمسيات فسرد مختارات من رواياته باللهجة الليبية بدلاً من قراءتها بالفصحى وذلك حتى لا يتسرب الملل للحضور بسبب طول الروايات, وقد وفق في ذلك إلى أبعد حد حيث استطاع أن يضفي على الأمسية نكهة أخرى ومذاقاً مغايراً وجعلها ( لمّة عائلية ) أكثر من كونها أمسية رسمية . واختار لهذا الغرض ثلاث من رواياته ألقاها على التوالي وهي : وحدي في عرض البحر – حارس المنارة – يوميات من المعتقل .
ثم بعد ذلك بدأت مداخلات الحضور والتي كان أبرزها مداخلة الفنان التشكيلي والمخرج المسرحي عبدالعالي شعيب,ويمكن تلخيص مداخلة عبدالعالي فيما يلي : شكراً للضيف على الطرح والقراءة الأخرى للرواية.- ما سمعناه هو روايات اجتماعية والمؤلف نقلها وترجمها في شكل أدبي . – أما على صعيد التقنية فالضيف متخصص في اللغة العربية ولكنه رغم بساطة أسلوبه تظهر منه تحديات للغة تبرز في بعض الكلمات القاموسية.
كذلك شارك الدكتور العراقي جعفر حسن الطائي بمداخلة قيّمة اشتملت على عدة ملاحظات من بينها: طابع الألم يميز كتابات الضيف , وتساءل عن السبب؟. – كما تساءل عن سبب قراءتنا بتركيز للكتاب من خارج الوطن مثل ماركيز على سبيل المثال ,رغم أن وطننا يزخر بالكتاب الجيدين الذين لا تحتفظ ذاكرتنا بنتاجهم.- وأكد الدكتور جعفر على ملاحظتين هامّتين ,وهما : - غياب العنصر النسائي. - وعدم الانتشار الواسع لكثير من الأسماء الليبية اللامعة محلياً.
وبعد أن فرغ الدكتور عبدالجواد من ردوده على المداخلات ,اختتم القاص صالح سعد يونس الأمسية متمنياً للجميع التوفيق والاستمرارية في إثراء الحركة الثقافية تحت مظلة منتدى الأماسي .
السيرة الذاتية:
· - من مواليد مدينة البيضاء سنة 1947م.
· تحصل على ليسانس آداب من جامعة قاريونس سنة 1977م.
· اشتغل بالتدريس بالمدارس الإعدادية والثانوية في مجال اللغة العربية وآدابها حتى سنة 1990م.
· واصَلَ العمل التعليمي كمفتش حتى سنة 2000م.
· تحصل على درجة الماجستير في الأدب( اتجاهات القصة الليبية القصيرة ما بين عامي 1957- 1987م ),وذلك سنة 2003م من جامعة عمر المختار .
· بدأ في التدريس الجامعي في مادة تخصصه في كل من : البيضاء – المرج – الكفرة – القبة.
· تحصّل سنة 2007 م من جامعة قاريونس على درجة الدكتوراة في الأدب الحديث ( القصة الليبية من التقليد إلى التجريب ) .
مؤلفاته :
· ألف مجموعة قصصية بعنوان ( وحدي في عرض البحر ) , صدرت عن الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع سنة 1991م . كما صدرت له رواية بعنوان ( لقاء في غابة السرو) عن دار نقوش عربية بتونس سنة 1998م. وصدر له كتاب في التراث بعنوان ( رعي الأغنام في التراث ) عن دار الجبل الأخضر للطباعة سنة 1992م. كما اشترك مع الأستاذ عبد الله عقيلة في تأليف كتاب ( اسلنطة المكان يتحدث ) الصادر سنة 2001م عن مطابع الثورة ببنغازي . كما قام بشرح وتحقيق ديوان الشاعر جبريل الرعيدي والمعنون بـ ( جبريل الرعيدي في قصائد الحرب والحنين والشكوى ) سنة 2000م , وأعدّه إسرافيل الرعيدي .
· له مخطوطات منها : ( البيضاء وتذكرات صبيّ الخمسينات ) ومجموعة قصصية بعنوان ( ثروة أمي ) . وكتاب منهجي بعنوان ( توضيحات إملائية ) .
جوائزه :
· فازت قصته ( سائق الشاحنة ) بالترتيب الثالث في مهرجان القاهرة الدولي سنة 1995م بعد تحويلها إلى شريط مرئي.
نشاطاته الأدبية:
· كتب في الصحف والمجلات عن مجموعة كتاب وشعراء عرفهم أو قرأ لهم , منهم : أحمد رفيق المهدوي – خليفة التليسي – أحمد الشارف – صادق النيهوم – إبراهيم الأسطى عمر – خليفة حسين مصطفى – حسن السوسي – طالب الرويعي – علي صدقي عبد القادر – عبدالرسول العريبي – أحمد يوسف عقيلة – الصديق بودوارة – الناجي الحربي – مفتاح ميلود – صالح سعد يونس – مفتاح الشاعري – سالم الهنداوي – جمعة عبدالعليم – جمعة الفاخري – علي الفزاني – عبدالله هارون – عوض الشاعري – أحمد الفيتوري – رجب الماجري – سليمان كشلاف – عبدالحميد بطاو – داود حلاق – علي مصطفى المصراتي – إبراهيم الكوني – عبدالله القويري – صالح السنوسي – علي الخرم , وغيرهم . وسيضمهم مشروع كتاب بعنوان ( أدباء ليبيون ).
· كتب عنه : الناجي الحربي – محمد بوسويق – عبدالرسول العريبي – عادل عبدالواحد – فوزي البشتي – بالقاسم صميدة – وإسرافيل الرعيدي .
نموذج من روايات الدكتور الأديب عبدالجواد عباس :
حارس المنارة
كانت الطائرات تقصف المدن وبعض القرى العامرة بالسكان,وقد ألقت ببعض قنابلها إلقاء عشوائياً على بعض الأماكن الخالية. إحدى القنابل وقعت في المياه الضحلة بالقرب من بيت مصطفى. لقد أحدَثت دويّاً هائلاً حتى كسرت صخور المنطقة الأثرية المغمورة في الماء , ورمت ببعض الرمال وحشائش البحر إلى الشاطيء.
كان مصطفى يقيم في بيته المتواضع بجوار الشاطيء , ومن حسن الحظ أنه لم يُصب بأذى .إنه بيت ملحق بالمنارة,له سور عتيق تعشش فيه الطيور , جانبه الشمالي غير مشيّد ,فماء البحر يقوم بالحماية.
البيت والنواحي القريبة منه يُوحيان بجَمَالٍ مُريح يليق بسكن شاعرٍ أو رسّام يستلهمان فنهما من المنظر الجذّاب حيث الهدوء والنسيم العليل.
كان مصطفى راضياً عن حياته تمام الرضا, فهو شغوف بالبحر وقد واتته الفرصة ليحصل على عمل يرضي حبه هذا,إنه أقصى ما يتمناه,ولذلك تراه متفتح النفس على الحياة وعلى الناس, فهو يعيش في وئام تامّ مع أسرته ومع الآخرين ,خاصة أن حراسة المنارة ليست عملاً مُرهقاً بل يصبح مع مرور الأيام عملاً عاديّاً وكأن الإنسان يعمل في بيته. يمضي في الصباح نحو شِباكه وخيوطه التي كان قد ألقاها في الماء قبيل الغروب, وكثيراً ما ترافقه زوجته وابنهما الصغير. يُبقي من صيده لنفسه ويحمل الباقي لبيعه في سوق القرية.
كان هذا دأبه,لا يأبه لفقر ولا يطمع في غِنى إلى أن جاءت تلك الأيام التي تردد فيها أحد الرعاة سائلاً عن مصطفى إن كان موجوداً أم لا,فتجيبه زوجته بأنه غير موجود,فيسوق غنمه لترعى قريباً من الشاطيء,بل هي البقعة الوحيدة التي وقعت عندها القنبلة,ويمكث هناك ساعة من نهار مما أدخل الريبة في نفس المرأة التي أخبرت زوجها بتردده على تلك المنطقة,فقال لها: إن سألك غداً عني فقولي له غير موجود.
اختبأ مصطفى في بعض الشجيرات وترقب قدوم الراعي, وما هي إلا فترة انتظار قصيرة حتى جاء يسوق قطيعه سوقاً حثيثاً ويتجه نحو بقعته المفضلة بعد أن علم بغياب مصطفى.
خرج مصطفى من مخبأه وأخذ يرقبه من بعيد,رآه يلتقط شيئاً ويضعه في جيبه بعناية فلم يُثر ذلك اهتمام مصطفى أول الأمر,ولكن الراعي كرر ذلك عدّة مرّات بتلهف وحِرصٍ شديدين,يتلفت ويتحرك هنا وهناك ونظره لا يفارق الأرض,فتارة ينبش في الرمال,وتارة أخرى يقف في الماء ويستمر في الالتقاط.اقترب مصطفى أكثر وبقي يرقبه عن كثب حيث توارى خلف صخرة وأخذ يختلس النظر,رآه ينحني ويُمسك بشيء ويهم بوضعه في جيبه الداخلي ولكنه يقع منه على الحصى محدثاً رنيناً مسموعاً,وقبل أن يُعيده الراعي من جديد كان مصطفى أسرع منه في التقاطه. كان معدناً أصفرَ عليه بعض الشوائب,ولكنها لم تفقده لمعانه,إنه من الذهب الخالص,لقد كان عملة في زمن غابر.
وبينما مصطفى يتأمل القطعة كان الراعي قد تسمّر في مكانه ولعله ارتبك ولم يدر ما يقول,فالتفت إليه مصطفى وقال:إذن كنت تخفي هذا السرَّ عني طيلة الأيام الماضية. قال الراعي هو يتلعثم:لم أجد إلا العدد القليل. قال له مصطفى على الفور:هذا من أثر القنبلة على المنطقة الأثريّة داخل الماء,والمنطقة الأثريّة والساحل والمنارة تحت حراستي. كان عليك إبلاغي بالأمر,إني لا أدري كم أخفيت من القطع... جميع مناطق الآثار مناطق محمية ومحظور تنقيبها.. واستمر مصطفى في وابل من اللهجة الحادّة دون توقف,وقال للراعي:سأبلغ عنك,سيفتشون بيتك,ستُصادر أغنامك,سوف تقضي بقية أيامك في السجن.
تضايق الراعي من حديث مصطفى وقال:لا,لا تبلغ عني,لم أجد سوى عشرين قطعة,ها هي في جيبي أرجوك أنا في غِنى عن هذه المتاعب. عندها هدأ مصطفى وقال:حسناً حسناً,هات القطع, سأسكت عنك. أعطاه الراعي ما بحوزته من قطع ذهبيّة وساق غنمه ومضى مسرعاً.
هرع مصطفى إلى بيته وأحضر النظارة البحرية وسبح نحو موقع القنبلة,وغطس ويا لعجب ما رأى,لقد رأى ما يشبه الصندوق ولكنه من الحجر قد انشقّ نصفين,وجده يحتوي على آلاف من القطع الذهبية التي كان الراعي يجد مثلها على الشاطيء.
عاد مصطفى إلى بيته مرة أخرى وهو لا يتمالك نفسه, أحضر كيساً وغطس للمرة الثانية وأخذ يملأ يده بالقطع ويدسّها في الكيس,ثم يطفو إلى السطح ليتنفس ثم يعود حتى أفرغ الصندوق الحجري مما فيه من ذهب عدا بعض القطع اللاصقة بالصخر أو التي جرفها التيار إلى الشاطيء.
لقد جمع عدة كيلوجرامات من الذهب,أخفاها جيداً,ومكث في البيت إلى ما بعد الغداء يغمره التعب والدهشة معاً,لا يدري أكان ذلك حلماً أم حقيقة,ولم تخرجه عن دهشته إلا ضوضاء على طول الشاطيء لجماعات من الناس تبحث عن الذهب.
الواضح أن الراعي لم يسكت بل أخبر الناس بالخبر الخطير فهبَّ جميع من في الجوار ليصيبوا من المغنم. ربما كان ذلك نكاية في مصطفى حتى لا يستحوذ على الكنز وحده,وربما كان الراعي أيضاً قد أصاب الكثير من القطع الذهبية وأخفى خبرها عن مصطفى.. ربما هذا وربما ذاك.. مكائد كثيرة تحدث في مثل هذه الظروف فالكل يريد الخير لنفسه خاصة أن المال ليس لأحد بل جاد به البحر,إضافة إلى أنه لا سلطة مستقرة تبحث عنه لظروف الحرب,فالكل في شغل شاغل.
تجاهل مصطفى جموع الناس الباحثة عن الذهب بل دخل في غمار المنقبين عن الذهب وأخذ يبحث هو الآخر وكأنه لم يظفر من الغنيمة بالكثير.
لقد فتش الأهالي الشاطيءَ بعناية ونصب الكثيرون منهم خيامهم قريباً من المكان.نبشوا المكان وقلبوا الحجارة داخل الماء وخارجه.استمر ذلك عدة أيام,وعلى الرغم من ذلك فإن أوفرهم حظاً لم يحصل على عُشر ما حصل عليه مصطفى,بل إن أكثر الذين خيّموا بأسرهم قد فقدوا كل ما جمعوه نتيجة كيد كائد,فقد جاء أحدهم متأخراً عن الغنيمة فلم يحصل على شيء,فما وسعه إلا أن أعلن أن الشرطة ستأتي غداً وتفتش الخيام وتأخذ الذهب,وعندما خبّأ كل منهم ذهبه خارج الخيام لم يجدوه في مخبئه عندما رجعوا إليه.ثارت شكوكهم حول ذلك الرجل بأنه تلصص على المخابيء خارج الخيام وأخذ ما فيها من ذهب.
جاءت الشرطة على كل حال,ربما بإيعاز من الراعي,وربما لم يأتوا بصفة رسمية بل دفعهم الطمع في شيء من الذهب.استضافهم مصطفى وأجزل لهم العطاء على أن يعتبروا الأمر قطعاً قليلة تفرقت في أيدي الناس.
أخفى مصطفى سرَّ الذهب لعدة أشهر ثم انتقل بعدها إلى مدينة بعيدة عن معارفه,واشترى بيتاً فخماً وسيارة شاحنة عيّن لها سائقاً خاصاً,كما اشترى مزرعة واسعة.
لقد تحول مصطفى الحارس البسيط إلى مصطفى الثري الواسع الثراء.لقد أيقظ المال في نفسه رغبات لم تكن لتخطر له على بال أيام البساطة,لم يتردد في الزواج بأخرى,ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل راح يتزوج متى شاء ويُطلق متى شاء وفي كل مرة يذهب قسط كبير من المال إلى أصهاره الذين أصبحوا أيضاً من الأغنياء. لقد كان يبذر حتى أن السيارة إذا تعطلت في مكان ما فإنه يشتري غيرها فوراً ويُوصي بالأخرى إلى أحد المقربين منه .
كان يتنقل من مدينة إلى أخرى في لباس جديد وأصدقاء جدد,فهم ملازمون له طالما جيوبه مترعة,حتى أن العلاقة قد توثقت بينه وبين أقاربه,وأصبحوا يزورونه كثيراً ويُصرّون على حضوره كلما حدثت مناسبة كبيرة أو صغيرة,فلقد شملهم بعطاياه أيضاً.
كان مصطفى طيب النفس هانيء البال,لا يأمل إلا في استقرار المعيشة عندما كان حارس منارة,ولكن المال الذي هبط عليه فجأة غيّر مجرى حياته فقد أربكه ووضعه في حيرة مما جعله يُقلّب حياته على تصرّفات عدّة تعلو وتسفل.أصبح يخرج عن طوره ويتيه عجباً وخيلاء,فقد شوهد مرات كثيرة يمشي في السوق وفي يده قطعة أو قطعتان من الذهب يعبث بهما كمَن يعبث بمسبحة لغير تقوى,وأحياناً يركز قطعة على إبهامه ويجعلها تفرّ في الهواء,فإذا لم تقع في يده فلا يلتقطها ثانية بل يلتقطها الصبيان,حتى إنهم صاروا يعرفون ذلك ويترقبون دخوله السوق.
لقد تحدث عنه أحد أقربائه الناصحين فقال:كانت عطاياه كلها فخراً وتيهاً,فإما أن تكون لحاشية وقربى يبغي بها التأييد أو لزيادة فراهة أو لزواج جديد. لم يفكر في استثمار ماله في شؤون تنفعه مستقبلاً أو تنفع الناس.صحيح أنه قد حصل كثير من الناس على نصيب من ماله ولكن حصولهم عليه عن طريق النصب والاحتيال والتملق,لا عن طريق العمل والكدّ, وبالجملة فإن مصطفى لم يعرف كيف يتصرف بذلك المال .فلم يوجهه نحو عمل يبتغي به وجه الله. نسي مصطفى وما كان لمثله أن ينسى ... نسي الطريق الصحيح,تزوج بالعديد من النساء شهوة وغيّاً, وليس طلباً للولد,فقد كانت زوجته الأولى منجبة.
بذّر المال يمنة ويسرة في غير وجوهه الصحيحة حتى نفد ما بيده من ذهب ولم تبق إلاّ العقارات والمزرعة فأخذ يبيعها الواحد تلو الآخر حتى أتى عليها جميعاً. أخيراً خوت جيوبه,تلفت حوله فلم يجد صديقاً يسعفه,لقد فرّوا جميعاً وكأنه كان في حلم,استمرّ ذلك الحلم خمس سنوات,عاد لعدها فقيراً معدماً. لم يقف إلى جانبه أحد,تنكروا له,ترفعوا حتى عن الحديث معه,لقد أضحى إنساناً منبوذاً.ويستمر ذلك القريب ويقول:كان يُشاهد على الشاطيء مطرقاً مفكراً في همه وكأنه يجترّ ماضيه ويتحسر على المال الذي ضاع. تردد على الجهات لكي يعيدوه إلى عمله السابق وبعد لأيٍ طويل عاد لحراسة المنارة ولكن غناه المُفاجيء وزوال ذلك الغنى كان قد أخذ من عقله ما أخذ .
وبعد أن فرغ الناجي الحربي من كلمته , بدأ الدكتور عبدالجواد عباس بتوجيه الشكر للحربي , وبالثناء على أسرة المنتدى وجهدهم المبذول . ثم أكد على أن هناك عدّة مؤثرات كانت وراء تجربته القصصية من بينها المعاناة والدهشة والطفولة وثراؤه العاطفي بالإضافة إلى تجربته في الحياة وكثرة ما قرأه من شعرٍ ونثر .
ثم خالف الدكتور عبدالجواد عباس المألوف والسائد في مثل هذه الأمسيات فسرد مختارات من رواياته باللهجة الليبية بدلاً من قراءتها بالفصحى وذلك حتى لا يتسرب الملل للحضور بسبب طول الروايات, وقد وفق في ذلك إلى أبعد حد حيث استطاع أن يضفي على الأمسية نكهة أخرى ومذاقاً مغايراً وجعلها ( لمّة عائلية ) أكثر من كونها أمسية رسمية . واختار لهذا الغرض ثلاث من رواياته ألقاها على التوالي وهي : وحدي في عرض البحر – حارس المنارة – يوميات من المعتقل .
ثم بعد ذلك بدأت مداخلات الحضور والتي كان أبرزها مداخلة الفنان التشكيلي والمخرج المسرحي عبدالعالي شعيب,ويمكن تلخيص مداخلة عبدالعالي فيما يلي : شكراً للضيف على الطرح والقراءة الأخرى للرواية.- ما سمعناه هو روايات اجتماعية والمؤلف نقلها وترجمها في شكل أدبي . – أما على صعيد التقنية فالضيف متخصص في اللغة العربية ولكنه رغم بساطة أسلوبه تظهر منه تحديات للغة تبرز في بعض الكلمات القاموسية.
كذلك شارك الدكتور العراقي جعفر حسن الطائي بمداخلة قيّمة اشتملت على عدة ملاحظات من بينها: طابع الألم يميز كتابات الضيف , وتساءل عن السبب؟. – كما تساءل عن سبب قراءتنا بتركيز للكتاب من خارج الوطن مثل ماركيز على سبيل المثال ,رغم أن وطننا يزخر بالكتاب الجيدين الذين لا تحتفظ ذاكرتنا بنتاجهم.- وأكد الدكتور جعفر على ملاحظتين هامّتين ,وهما : - غياب العنصر النسائي. - وعدم الانتشار الواسع لكثير من الأسماء الليبية اللامعة محلياً.
وبعد أن فرغ الدكتور عبدالجواد من ردوده على المداخلات ,اختتم القاص صالح سعد يونس الأمسية متمنياً للجميع التوفيق والاستمرارية في إثراء الحركة الثقافية تحت مظلة منتدى الأماسي .
السيرة الذاتية:
· - من مواليد مدينة البيضاء سنة 1947م.
· تحصل على ليسانس آداب من جامعة قاريونس سنة 1977م.
· اشتغل بالتدريس بالمدارس الإعدادية والثانوية في مجال اللغة العربية وآدابها حتى سنة 1990م.
· واصَلَ العمل التعليمي كمفتش حتى سنة 2000م.
· تحصل على درجة الماجستير في الأدب( اتجاهات القصة الليبية القصيرة ما بين عامي 1957- 1987م ),وذلك سنة 2003م من جامعة عمر المختار .
· بدأ في التدريس الجامعي في مادة تخصصه في كل من : البيضاء – المرج – الكفرة – القبة.
· تحصّل سنة 2007 م من جامعة قاريونس على درجة الدكتوراة في الأدب الحديث ( القصة الليبية من التقليد إلى التجريب ) .
مؤلفاته :
· ألف مجموعة قصصية بعنوان ( وحدي في عرض البحر ) , صدرت عن الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع سنة 1991م . كما صدرت له رواية بعنوان ( لقاء في غابة السرو) عن دار نقوش عربية بتونس سنة 1998م. وصدر له كتاب في التراث بعنوان ( رعي الأغنام في التراث ) عن دار الجبل الأخضر للطباعة سنة 1992م. كما اشترك مع الأستاذ عبد الله عقيلة في تأليف كتاب ( اسلنطة المكان يتحدث ) الصادر سنة 2001م عن مطابع الثورة ببنغازي . كما قام بشرح وتحقيق ديوان الشاعر جبريل الرعيدي والمعنون بـ ( جبريل الرعيدي في قصائد الحرب والحنين والشكوى ) سنة 2000م , وأعدّه إسرافيل الرعيدي .
· له مخطوطات منها : ( البيضاء وتذكرات صبيّ الخمسينات ) ومجموعة قصصية بعنوان ( ثروة أمي ) . وكتاب منهجي بعنوان ( توضيحات إملائية ) .
جوائزه :
· فازت قصته ( سائق الشاحنة ) بالترتيب الثالث في مهرجان القاهرة الدولي سنة 1995م بعد تحويلها إلى شريط مرئي.
نشاطاته الأدبية:
· كتب في الصحف والمجلات عن مجموعة كتاب وشعراء عرفهم أو قرأ لهم , منهم : أحمد رفيق المهدوي – خليفة التليسي – أحمد الشارف – صادق النيهوم – إبراهيم الأسطى عمر – خليفة حسين مصطفى – حسن السوسي – طالب الرويعي – علي صدقي عبد القادر – عبدالرسول العريبي – أحمد يوسف عقيلة – الصديق بودوارة – الناجي الحربي – مفتاح ميلود – صالح سعد يونس – مفتاح الشاعري – سالم الهنداوي – جمعة عبدالعليم – جمعة الفاخري – علي الفزاني – عبدالله هارون – عوض الشاعري – أحمد الفيتوري – رجب الماجري – سليمان كشلاف – عبدالحميد بطاو – داود حلاق – علي مصطفى المصراتي – إبراهيم الكوني – عبدالله القويري – صالح السنوسي – علي الخرم , وغيرهم . وسيضمهم مشروع كتاب بعنوان ( أدباء ليبيون ).
· كتب عنه : الناجي الحربي – محمد بوسويق – عبدالرسول العريبي – عادل عبدالواحد – فوزي البشتي – بالقاسم صميدة – وإسرافيل الرعيدي .
نموذج من روايات الدكتور الأديب عبدالجواد عباس :
حارس المنارة
كانت الطائرات تقصف المدن وبعض القرى العامرة بالسكان,وقد ألقت ببعض قنابلها إلقاء عشوائياً على بعض الأماكن الخالية. إحدى القنابل وقعت في المياه الضحلة بالقرب من بيت مصطفى. لقد أحدَثت دويّاً هائلاً حتى كسرت صخور المنطقة الأثرية المغمورة في الماء , ورمت ببعض الرمال وحشائش البحر إلى الشاطيء.
كان مصطفى يقيم في بيته المتواضع بجوار الشاطيء , ومن حسن الحظ أنه لم يُصب بأذى .إنه بيت ملحق بالمنارة,له سور عتيق تعشش فيه الطيور , جانبه الشمالي غير مشيّد ,فماء البحر يقوم بالحماية.
البيت والنواحي القريبة منه يُوحيان بجَمَالٍ مُريح يليق بسكن شاعرٍ أو رسّام يستلهمان فنهما من المنظر الجذّاب حيث الهدوء والنسيم العليل.
كان مصطفى راضياً عن حياته تمام الرضا, فهو شغوف بالبحر وقد واتته الفرصة ليحصل على عمل يرضي حبه هذا,إنه أقصى ما يتمناه,ولذلك تراه متفتح النفس على الحياة وعلى الناس, فهو يعيش في وئام تامّ مع أسرته ومع الآخرين ,خاصة أن حراسة المنارة ليست عملاً مُرهقاً بل يصبح مع مرور الأيام عملاً عاديّاً وكأن الإنسان يعمل في بيته. يمضي في الصباح نحو شِباكه وخيوطه التي كان قد ألقاها في الماء قبيل الغروب, وكثيراً ما ترافقه زوجته وابنهما الصغير. يُبقي من صيده لنفسه ويحمل الباقي لبيعه في سوق القرية.
كان هذا دأبه,لا يأبه لفقر ولا يطمع في غِنى إلى أن جاءت تلك الأيام التي تردد فيها أحد الرعاة سائلاً عن مصطفى إن كان موجوداً أم لا,فتجيبه زوجته بأنه غير موجود,فيسوق غنمه لترعى قريباً من الشاطيء,بل هي البقعة الوحيدة التي وقعت عندها القنبلة,ويمكث هناك ساعة من نهار مما أدخل الريبة في نفس المرأة التي أخبرت زوجها بتردده على تلك المنطقة,فقال لها: إن سألك غداً عني فقولي له غير موجود.
اختبأ مصطفى في بعض الشجيرات وترقب قدوم الراعي, وما هي إلا فترة انتظار قصيرة حتى جاء يسوق قطيعه سوقاً حثيثاً ويتجه نحو بقعته المفضلة بعد أن علم بغياب مصطفى.
خرج مصطفى من مخبأه وأخذ يرقبه من بعيد,رآه يلتقط شيئاً ويضعه في جيبه بعناية فلم يُثر ذلك اهتمام مصطفى أول الأمر,ولكن الراعي كرر ذلك عدّة مرّات بتلهف وحِرصٍ شديدين,يتلفت ويتحرك هنا وهناك ونظره لا يفارق الأرض,فتارة ينبش في الرمال,وتارة أخرى يقف في الماء ويستمر في الالتقاط.اقترب مصطفى أكثر وبقي يرقبه عن كثب حيث توارى خلف صخرة وأخذ يختلس النظر,رآه ينحني ويُمسك بشيء ويهم بوضعه في جيبه الداخلي ولكنه يقع منه على الحصى محدثاً رنيناً مسموعاً,وقبل أن يُعيده الراعي من جديد كان مصطفى أسرع منه في التقاطه. كان معدناً أصفرَ عليه بعض الشوائب,ولكنها لم تفقده لمعانه,إنه من الذهب الخالص,لقد كان عملة في زمن غابر.
وبينما مصطفى يتأمل القطعة كان الراعي قد تسمّر في مكانه ولعله ارتبك ولم يدر ما يقول,فالتفت إليه مصطفى وقال:إذن كنت تخفي هذا السرَّ عني طيلة الأيام الماضية. قال الراعي هو يتلعثم:لم أجد إلا العدد القليل. قال له مصطفى على الفور:هذا من أثر القنبلة على المنطقة الأثريّة داخل الماء,والمنطقة الأثريّة والساحل والمنارة تحت حراستي. كان عليك إبلاغي بالأمر,إني لا أدري كم أخفيت من القطع... جميع مناطق الآثار مناطق محمية ومحظور تنقيبها.. واستمر مصطفى في وابل من اللهجة الحادّة دون توقف,وقال للراعي:سأبلغ عنك,سيفتشون بيتك,ستُصادر أغنامك,سوف تقضي بقية أيامك في السجن.
تضايق الراعي من حديث مصطفى وقال:لا,لا تبلغ عني,لم أجد سوى عشرين قطعة,ها هي في جيبي أرجوك أنا في غِنى عن هذه المتاعب. عندها هدأ مصطفى وقال:حسناً حسناً,هات القطع, سأسكت عنك. أعطاه الراعي ما بحوزته من قطع ذهبيّة وساق غنمه ومضى مسرعاً.
هرع مصطفى إلى بيته وأحضر النظارة البحرية وسبح نحو موقع القنبلة,وغطس ويا لعجب ما رأى,لقد رأى ما يشبه الصندوق ولكنه من الحجر قد انشقّ نصفين,وجده يحتوي على آلاف من القطع الذهبية التي كان الراعي يجد مثلها على الشاطيء.
عاد مصطفى إلى بيته مرة أخرى وهو لا يتمالك نفسه, أحضر كيساً وغطس للمرة الثانية وأخذ يملأ يده بالقطع ويدسّها في الكيس,ثم يطفو إلى السطح ليتنفس ثم يعود حتى أفرغ الصندوق الحجري مما فيه من ذهب عدا بعض القطع اللاصقة بالصخر أو التي جرفها التيار إلى الشاطيء.
لقد جمع عدة كيلوجرامات من الذهب,أخفاها جيداً,ومكث في البيت إلى ما بعد الغداء يغمره التعب والدهشة معاً,لا يدري أكان ذلك حلماً أم حقيقة,ولم تخرجه عن دهشته إلا ضوضاء على طول الشاطيء لجماعات من الناس تبحث عن الذهب.
الواضح أن الراعي لم يسكت بل أخبر الناس بالخبر الخطير فهبَّ جميع من في الجوار ليصيبوا من المغنم. ربما كان ذلك نكاية في مصطفى حتى لا يستحوذ على الكنز وحده,وربما كان الراعي أيضاً قد أصاب الكثير من القطع الذهبية وأخفى خبرها عن مصطفى.. ربما هذا وربما ذاك.. مكائد كثيرة تحدث في مثل هذه الظروف فالكل يريد الخير لنفسه خاصة أن المال ليس لأحد بل جاد به البحر,إضافة إلى أنه لا سلطة مستقرة تبحث عنه لظروف الحرب,فالكل في شغل شاغل.
تجاهل مصطفى جموع الناس الباحثة عن الذهب بل دخل في غمار المنقبين عن الذهب وأخذ يبحث هو الآخر وكأنه لم يظفر من الغنيمة بالكثير.
لقد فتش الأهالي الشاطيءَ بعناية ونصب الكثيرون منهم خيامهم قريباً من المكان.نبشوا المكان وقلبوا الحجارة داخل الماء وخارجه.استمر ذلك عدة أيام,وعلى الرغم من ذلك فإن أوفرهم حظاً لم يحصل على عُشر ما حصل عليه مصطفى,بل إن أكثر الذين خيّموا بأسرهم قد فقدوا كل ما جمعوه نتيجة كيد كائد,فقد جاء أحدهم متأخراً عن الغنيمة فلم يحصل على شيء,فما وسعه إلا أن أعلن أن الشرطة ستأتي غداً وتفتش الخيام وتأخذ الذهب,وعندما خبّأ كل منهم ذهبه خارج الخيام لم يجدوه في مخبئه عندما رجعوا إليه.ثارت شكوكهم حول ذلك الرجل بأنه تلصص على المخابيء خارج الخيام وأخذ ما فيها من ذهب.
جاءت الشرطة على كل حال,ربما بإيعاز من الراعي,وربما لم يأتوا بصفة رسمية بل دفعهم الطمع في شيء من الذهب.استضافهم مصطفى وأجزل لهم العطاء على أن يعتبروا الأمر قطعاً قليلة تفرقت في أيدي الناس.
أخفى مصطفى سرَّ الذهب لعدة أشهر ثم انتقل بعدها إلى مدينة بعيدة عن معارفه,واشترى بيتاً فخماً وسيارة شاحنة عيّن لها سائقاً خاصاً,كما اشترى مزرعة واسعة.
لقد تحول مصطفى الحارس البسيط إلى مصطفى الثري الواسع الثراء.لقد أيقظ المال في نفسه رغبات لم تكن لتخطر له على بال أيام البساطة,لم يتردد في الزواج بأخرى,ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل راح يتزوج متى شاء ويُطلق متى شاء وفي كل مرة يذهب قسط كبير من المال إلى أصهاره الذين أصبحوا أيضاً من الأغنياء. لقد كان يبذر حتى أن السيارة إذا تعطلت في مكان ما فإنه يشتري غيرها فوراً ويُوصي بالأخرى إلى أحد المقربين منه .
كان يتنقل من مدينة إلى أخرى في لباس جديد وأصدقاء جدد,فهم ملازمون له طالما جيوبه مترعة,حتى أن العلاقة قد توثقت بينه وبين أقاربه,وأصبحوا يزورونه كثيراً ويُصرّون على حضوره كلما حدثت مناسبة كبيرة أو صغيرة,فلقد شملهم بعطاياه أيضاً.
كان مصطفى طيب النفس هانيء البال,لا يأمل إلا في استقرار المعيشة عندما كان حارس منارة,ولكن المال الذي هبط عليه فجأة غيّر مجرى حياته فقد أربكه ووضعه في حيرة مما جعله يُقلّب حياته على تصرّفات عدّة تعلو وتسفل.أصبح يخرج عن طوره ويتيه عجباً وخيلاء,فقد شوهد مرات كثيرة يمشي في السوق وفي يده قطعة أو قطعتان من الذهب يعبث بهما كمَن يعبث بمسبحة لغير تقوى,وأحياناً يركز قطعة على إبهامه ويجعلها تفرّ في الهواء,فإذا لم تقع في يده فلا يلتقطها ثانية بل يلتقطها الصبيان,حتى إنهم صاروا يعرفون ذلك ويترقبون دخوله السوق.
لقد تحدث عنه أحد أقربائه الناصحين فقال:كانت عطاياه كلها فخراً وتيهاً,فإما أن تكون لحاشية وقربى يبغي بها التأييد أو لزيادة فراهة أو لزواج جديد. لم يفكر في استثمار ماله في شؤون تنفعه مستقبلاً أو تنفع الناس.صحيح أنه قد حصل كثير من الناس على نصيب من ماله ولكن حصولهم عليه عن طريق النصب والاحتيال والتملق,لا عن طريق العمل والكدّ, وبالجملة فإن مصطفى لم يعرف كيف يتصرف بذلك المال .فلم يوجهه نحو عمل يبتغي به وجه الله. نسي مصطفى وما كان لمثله أن ينسى ... نسي الطريق الصحيح,تزوج بالعديد من النساء شهوة وغيّاً, وليس طلباً للولد,فقد كانت زوجته الأولى منجبة.
بذّر المال يمنة ويسرة في غير وجوهه الصحيحة حتى نفد ما بيده من ذهب ولم تبق إلاّ العقارات والمزرعة فأخذ يبيعها الواحد تلو الآخر حتى أتى عليها جميعاً. أخيراً خوت جيوبه,تلفت حوله فلم يجد صديقاً يسعفه,لقد فرّوا جميعاً وكأنه كان في حلم,استمرّ ذلك الحلم خمس سنوات,عاد لعدها فقيراً معدماً. لم يقف إلى جانبه أحد,تنكروا له,ترفعوا حتى عن الحديث معه,لقد أضحى إنساناً منبوذاً.ويستمر ذلك القريب ويقول:كان يُشاهد على الشاطيء مطرقاً مفكراً في همه وكأنه يجترّ ماضيه ويتحسر على المال الذي ضاع. تردد على الجهات لكي يعيدوه إلى عمله السابق وبعد لأيٍ طويل عاد لحراسة المنارة ولكن غناه المُفاجيء وزوال ذلك الغنى كان قد أخذ من عقله ما أخذ .
والله يستاهل الدكتور عبدالجواد عباس وربي ايطول في عمره, وامنورين يا عرب البيضاء . لكن يا إدارة المنتدى معاش تنقطعوا علينا , والله ما تعرفوا أنتوا قديش رافعين روسنا .الاستمراااااااااار مهم جداً.
ردحذف