إذا كان الساكت عن الحقّ شيطاناً أخرس.. فإنَّ الصارخ المثرثر في وقت الفعل هو الوجه الآخر للشيطان.. كل ما في الأمر أنه شيطان ثرثار.. وهو أسوأ من الشيطان الساكت.
واسمعوا هذه النكتة ـ على الرغم من أنّ الموقف أبعد ما يكون عن تبادل النِّكات ـ فقد اجتمع وزراء خارجية الاتحاد المغاربي ـ إذا كان هناك اتّحاد مغاربي أصلاً ـ بعد طول تلكؤ.. وأصدروا بياناً قالوا فيه بالحرف الواحد: (لقد اكتشفنا في اجتماعنا أنّ الوضع في غزّة خطير!).. لا تعليق.
إنّ ما يحدث في غزّة الآن ليس جديداً.. فالفلسطينيّون يتعرّضون للقتل منذ أكثر من ستين عاماً.. لكنّ وسائل إعلامنا تُصدِّع رؤوسنا بالصراخ.. وكأنّ فلسطين لم تتعرّض للاحتلال إلاّ اليوم.. وتدير المعركة بنفس العقلية القديمة الساذجة.. تعرض صور المجازر وتتباكى.. تتلذّذ بعرض جُثث الأطفال.. تُحوِّل المعركة إلى مأتَم.. وتبثّ أغاني النار: (نار يا استعمار).. (يا بلادي نارك وَلاّعة).. وتتحدَّث عن المارد العربي ـ هذا الكائن الخرافي ـ الذي يبدو أنّه قد أدار ظهره للمعركة منذ زمن طويل.. وغرِق في بئر نفط.
البعيدون عن ساحة المعركة.. الصارخون خارج السياج.. يثيرون ضجّة لطمأنة أنفسهم أكثر من إخافة العدو.. هم أكثر خوفاً من الموت.
دعوا الفلسطينيين لموتهم النبيل.. فلديهم شيء يموتون من أجله.. موتهم ليس مَجّانيًّا كموتنا.. فنحن نفطس هكذا فجأة.. دون أي سبب ظاهر في كثير من الأحيان.
الفلسطينيّون ليسوا في حاجة إلى من يذرف الدموع.. فقد تجاوزوا مرحلة البُكاء على موتاهم.. الموت فعل يومي بالنسبة لهم.. وقد أثبتوا أنهم يتعالون على الموت.. بل يتأقلمون معه.. يُرِّوضونه.. يستأنسونه.. حتى إنّهم يُلاقونه.. وينظرون في وجهه بعيونٍ مفتوحة.
***
الأربعاء (2009.1.7)
واسمعوا هذه النكتة ـ على الرغم من أنّ الموقف أبعد ما يكون عن تبادل النِّكات ـ فقد اجتمع وزراء خارجية الاتحاد المغاربي ـ إذا كان هناك اتّحاد مغاربي أصلاً ـ بعد طول تلكؤ.. وأصدروا بياناً قالوا فيه بالحرف الواحد: (لقد اكتشفنا في اجتماعنا أنّ الوضع في غزّة خطير!).. لا تعليق.
إنّ ما يحدث في غزّة الآن ليس جديداً.. فالفلسطينيّون يتعرّضون للقتل منذ أكثر من ستين عاماً.. لكنّ وسائل إعلامنا تُصدِّع رؤوسنا بالصراخ.. وكأنّ فلسطين لم تتعرّض للاحتلال إلاّ اليوم.. وتدير المعركة بنفس العقلية القديمة الساذجة.. تعرض صور المجازر وتتباكى.. تتلذّذ بعرض جُثث الأطفال.. تُحوِّل المعركة إلى مأتَم.. وتبثّ أغاني النار: (نار يا استعمار).. (يا بلادي نارك وَلاّعة).. وتتحدَّث عن المارد العربي ـ هذا الكائن الخرافي ـ الذي يبدو أنّه قد أدار ظهره للمعركة منذ زمن طويل.. وغرِق في بئر نفط.
البعيدون عن ساحة المعركة.. الصارخون خارج السياج.. يثيرون ضجّة لطمأنة أنفسهم أكثر من إخافة العدو.. هم أكثر خوفاً من الموت.
دعوا الفلسطينيين لموتهم النبيل.. فلديهم شيء يموتون من أجله.. موتهم ليس مَجّانيًّا كموتنا.. فنحن نفطس هكذا فجأة.. دون أي سبب ظاهر في كثير من الأحيان.
الفلسطينيّون ليسوا في حاجة إلى من يذرف الدموع.. فقد تجاوزوا مرحلة البُكاء على موتاهم.. الموت فعل يومي بالنسبة لهم.. وقد أثبتوا أنهم يتعالون على الموت.. بل يتأقلمون معه.. يُرِّوضونه.. يستأنسونه.. حتى إنّهم يُلاقونه.. وينظرون في وجهه بعيونٍ مفتوحة.
***
الأربعاء (2009.1.7)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق